أيها الإخوة:
يسعدنى باسم هذا المجتمع المصرى الذى تبنيه قوى الشعب العاملة، وفى الطليعة منها الفلاحون والعمال، أن أرحب بممثلى الحركة العمالية العظيمة التى هى الآن من أقوى التيارات القائدة للتقدم العالمى، وإنى لأتوجه بالشكر للاتحاد الدولى لنقابات العمال العرب الذى أتاح لنا بمؤتمره الرابع الفرصة للقاء هذه الجماعة الممتازة من ممثلى الحركة العمالية العالمية، والحديث معهم وتبادل الرأى وإياهم فى كثير من القضايا المشتركة.
وفى الحقيقية - أيها الإخوة - فإنكم إذا كنتم تزورون وطن الأمة العربية فى وقت أزمة من أشد أزماتها، وفى ظرف اختبار مصيرى، فإن موضوع الصراع الأصلى وراء هذه الأزمة ليس بعيداً على الإطلاق عن القضايا المشتركة التى تشد اهتمامنا معاً، إن الأرضية الأصلية وراء الصراع العربى - الإسرائيلى، هى فى الواقع وعلى وجه الدقة أرضية التناقض بين الأمة العربية الراغبة فى التحرر السياسى والاجتماعى، وبين الاستعمار الراغب فى السيطرة وفى مواصلة الاستغلال. وفيما مضى فلقد كان سلاح الاستعمار ضد الأمة العربية هو سلاح التمزيق، وبعد حربين عالميتين ومع تعاظم الإيمان بالوحدة العربية، فلقد لجأ الاستعمار إلى إضافة سلاح التخويف إلى سلاح التمزيق، وكان أن استغل فى ذلك الدعاوى الأسطورية للحركة الصهيونية، وهكذا سلم وطن من أوطان الأمة العربية غنيمة مستباحة للعنصرية الصهيونية المدججة بالسلاح؛ لكى يتم تكريس تمزيق الأمة العربية، وليتحقق تخويفها باستمرار، عن طريق إيجاد قاعدة فى قلبها لتهديدها، فضلاً عما يتبع ذلك من استنزاف كل إمكانيات القوة العربية فى صراع محكوم فيه تاريخياً.
ولقد زاد من حدة التناقض بين الأمة العربية والاستعمار ظهور الحركة التقدمية العربية، بقيادة الفلاحين والعمال العرب، الأمر الذى دفع الاستعمار إلى مغامرات عنيفة ومخيفة، عبرت عن نفسها سنة ١٩٥٦ بالعدوان المشهور ضد مصر، والذى عرف فيما بعد بحرب السويس، ثم عبرت عن نفسها مرة ثانية، سنة ١٩٦٧، التى عرفت فيما بعد بحرب الأيام الستة التى هى فى الحقيقة مقدمة حرب لم تنته حتى الآن. وبرغم كل المحاولات التى بذلتها القوى المحبة للحرية والسلام، فإن هذه الحرب مازالت معلقة، ومازال خطرها الداهم يحيق بآفاق الشرق الأوسط، والسبب أن قوى الاستعمار وعملاءها لا تريد الحرية ولا تريد السلام، بل وهى لا تفهم حتى مجرد المعنى الحقيقى للحرية والسلام، بالنسبة لها فإن الحرية تعنى السيطرة، وبالنسبة لها فإن السلام الذى تريده هو فى الحقيقة الاستسلام لمخططاتها ومؤامراتها.
إن الأمة العربية لم تغتصب وطناً لشعب آخر، وإنما كان وطن أحد شعوبها، وهو شعب فلسطين هو الذى تعرض للاغتصاب، والأمة العربية لم تحتل بالقوة المسلحة، وبالعدوان أرضاً لدولة أخرى، وإنما توجد الآن أراض من ثلاث دول عربية أعضاء فى الأمم المتحدة تحت الاحتلال العسكرى لإسرائيل المدعمة بقوى الاستعمار. والأمة العربية احتفظت طوال تاريخها بعلاقات إنسانية حرة مبرأة من كل شوائب الاستغلال والعنصرية مع كل الأجناس والأديان - بما فى ذلك اليهود بطبيعة الحال - ومع ذلك فإن العرب الآن تحت الاحتلال الإسرائيلى العنصرى، مواطنون من الدرجة الثانية فى وطنهم الواقع تحت الإرغام والإكراه.
هذه هى أرضية الصراع العربى - الإسرائيلى، التى هى فى الواقع أرضية التناقض بين آمال الأمة العربية وحقوقها المشروعة، وبين أطماع الاستعمار ومخططاته ومؤامراته. أما مضاعفات هذا الصراع نفسه فإنها - أيها الإخوة - ليست بعيدة عنكم ولا عن فكركم ولا حتى عن تجاربكم فيما تعرفونه من القارات التى جئتم منها جميعاً، ومن الغريب - أيها الإخوة - أن ما تواجهه الأمة العربية اليوم، يحمل بصمات أصابع مجرمة، تعرفها كل القوى التقدمية، وتستطيع تمييزها وتعرف كيف تحكم عليها.
إن إخوتنا من أوروبا يعرفون نوع التعالى العنصرى؛ سواء قامت دعوى العنصرية على أساس اللون أو الدين، ولقد عانت أوروبا من عنصرية النازى ما عانت، ومازال الكثير منه مذكوراً لا ينسى، وإخوتنا من إفريقيا يعرفون استعمار الاستيطان، حيث يستباح وطن شعب من الشعوب للقادمين وراء الدعاوى المختلفة، يقيمون المستعمرات بقصد الاستغلال، ثم يحولون هذه المستعمرات إلى قلاع مسلحة يخضعون بها الشعب الذى وفدوا إلى أرضه، ويهددون منها شعوباً أخرى تحيط بهذا الوطن، وتشعر أنها متصلة بشعبه، بروابط الأخوة المشتركة، مهددة مثله بنفس المصير إذا لم تتنبه وتقاوم.
أيها الإخوة:
إننا نعتبر مجىء هذه الجماعة الممتازة من ممثلى الحركة العمالية العالمية إلى وطننا فى هذه الظروف تأييداً واضحاً لإيماننا بوحدة النضال ضد الاستعمار وأدواته، وضد الاستغلال ومحاولاته، وهذا التأييد مبعث اعتزاز كبير لأمتنا العربية، كما أنه مصدر عون لها فيما تؤمن به من رسالة السلام القائم على العدل والتقدم، المتبرئ من الاستغلال بكل صوره.
أيها الإخوة.. أكرر الشكر لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله
يسعدنى باسم هذا المجتمع المصرى الذى تبنيه قوى الشعب العاملة، وفى الطليعة منها الفلاحون والعمال، أن أرحب بممثلى الحركة العمالية العظيمة التى هى الآن من أقوى التيارات القائدة للتقدم العالمى، وإنى لأتوجه بالشكر للاتحاد الدولى لنقابات العمال العرب الذى أتاح لنا بمؤتمره الرابع الفرصة للقاء هذه الجماعة الممتازة من ممثلى الحركة العمالية العالمية، والحديث معهم وتبادل الرأى وإياهم فى كثير من القضايا المشتركة.
وفى الحقيقية - أيها الإخوة - فإنكم إذا كنتم تزورون وطن الأمة العربية فى وقت أزمة من أشد أزماتها، وفى ظرف اختبار مصيرى، فإن موضوع الصراع الأصلى وراء هذه الأزمة ليس بعيداً على الإطلاق عن القضايا المشتركة التى تشد اهتمامنا معاً، إن الأرضية الأصلية وراء الصراع العربى - الإسرائيلى، هى فى الواقع وعلى وجه الدقة أرضية التناقض بين الأمة العربية الراغبة فى التحرر السياسى والاجتماعى، وبين الاستعمار الراغب فى السيطرة وفى مواصلة الاستغلال. وفيما مضى فلقد كان سلاح الاستعمار ضد الأمة العربية هو سلاح التمزيق، وبعد حربين عالميتين ومع تعاظم الإيمان بالوحدة العربية، فلقد لجأ الاستعمار إلى إضافة سلاح التخويف إلى سلاح التمزيق، وكان أن استغل فى ذلك الدعاوى الأسطورية للحركة الصهيونية، وهكذا سلم وطن من أوطان الأمة العربية غنيمة مستباحة للعنصرية الصهيونية المدججة بالسلاح؛ لكى يتم تكريس تمزيق الأمة العربية، وليتحقق تخويفها باستمرار، عن طريق إيجاد قاعدة فى قلبها لتهديدها، فضلاً عما يتبع ذلك من استنزاف كل إمكانيات القوة العربية فى صراع محكوم فيه تاريخياً.
ولقد زاد من حدة التناقض بين الأمة العربية والاستعمار ظهور الحركة التقدمية العربية، بقيادة الفلاحين والعمال العرب، الأمر الذى دفع الاستعمار إلى مغامرات عنيفة ومخيفة، عبرت عن نفسها سنة ١٩٥٦ بالعدوان المشهور ضد مصر، والذى عرف فيما بعد بحرب السويس، ثم عبرت عن نفسها مرة ثانية، سنة ١٩٦٧، التى عرفت فيما بعد بحرب الأيام الستة التى هى فى الحقيقة مقدمة حرب لم تنته حتى الآن. وبرغم كل المحاولات التى بذلتها القوى المحبة للحرية والسلام، فإن هذه الحرب مازالت معلقة، ومازال خطرها الداهم يحيق بآفاق الشرق الأوسط، والسبب أن قوى الاستعمار وعملاءها لا تريد الحرية ولا تريد السلام، بل وهى لا تفهم حتى مجرد المعنى الحقيقى للحرية والسلام، بالنسبة لها فإن الحرية تعنى السيطرة، وبالنسبة لها فإن السلام الذى تريده هو فى الحقيقة الاستسلام لمخططاتها ومؤامراتها.
إن الأمة العربية لم تغتصب وطناً لشعب آخر، وإنما كان وطن أحد شعوبها، وهو شعب فلسطين هو الذى تعرض للاغتصاب، والأمة العربية لم تحتل بالقوة المسلحة، وبالعدوان أرضاً لدولة أخرى، وإنما توجد الآن أراض من ثلاث دول عربية أعضاء فى الأمم المتحدة تحت الاحتلال العسكرى لإسرائيل المدعمة بقوى الاستعمار. والأمة العربية احتفظت طوال تاريخها بعلاقات إنسانية حرة مبرأة من كل شوائب الاستغلال والعنصرية مع كل الأجناس والأديان - بما فى ذلك اليهود بطبيعة الحال - ومع ذلك فإن العرب الآن تحت الاحتلال الإسرائيلى العنصرى، مواطنون من الدرجة الثانية فى وطنهم الواقع تحت الإرغام والإكراه.
هذه هى أرضية الصراع العربى - الإسرائيلى، التى هى فى الواقع أرضية التناقض بين آمال الأمة العربية وحقوقها المشروعة، وبين أطماع الاستعمار ومخططاته ومؤامراته. أما مضاعفات هذا الصراع نفسه فإنها - أيها الإخوة - ليست بعيدة عنكم ولا عن فكركم ولا حتى عن تجاربكم فيما تعرفونه من القارات التى جئتم منها جميعاً، ومن الغريب - أيها الإخوة - أن ما تواجهه الأمة العربية اليوم، يحمل بصمات أصابع مجرمة، تعرفها كل القوى التقدمية، وتستطيع تمييزها وتعرف كيف تحكم عليها.
إن إخوتنا من أوروبا يعرفون نوع التعالى العنصرى؛ سواء قامت دعوى العنصرية على أساس اللون أو الدين، ولقد عانت أوروبا من عنصرية النازى ما عانت، ومازال الكثير منه مذكوراً لا ينسى، وإخوتنا من إفريقيا يعرفون استعمار الاستيطان، حيث يستباح وطن شعب من الشعوب للقادمين وراء الدعاوى المختلفة، يقيمون المستعمرات بقصد الاستغلال، ثم يحولون هذه المستعمرات إلى قلاع مسلحة يخضعون بها الشعب الذى وفدوا إلى أرضه، ويهددون منها شعوباً أخرى تحيط بهذا الوطن، وتشعر أنها متصلة بشعبه، بروابط الأخوة المشتركة، مهددة مثله بنفس المصير إذا لم تتنبه وتقاوم.
أيها الإخوة:
إننا نعتبر مجىء هذه الجماعة الممتازة من ممثلى الحركة العمالية العالمية إلى وطننا فى هذه الظروف تأييداً واضحاً لإيماننا بوحدة النضال ضد الاستعمار وأدواته، وضد الاستغلال ومحاولاته، وهذا التأييد مبعث اعتزاز كبير لأمتنا العربية، كما أنه مصدر عون لها فيما تؤمن به من رسالة السلام القائم على العدل والتقدم، المتبرئ من الاستغلال بكل صوره.
أيها الإخوة.. أكرر الشكر لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله